نقوش غوبوستان-Gobustan


توجد نقوش غوبوستان في أذربيجان التي ارتبطت في أذهان الكثيرين بفترة ازدهار الحضارة الإسلامية في العصور الوسطى، لكن سحر أذربيجان التاريخي والثقافي يمتد لما أعمق من هذه الحقبة بكثير. ففي الواقع، تجتذب البلاد السائحين الراغبين في التعرف عن قرب على حياة الإنسان ما قبل التاريخ!


محاور العرض:

موقع محمية غوبوستان
كيف اكتشف منتزه غوبوستان
الحقبة التي تنتمي اليها نقوش غوبوستان
أنواع النقوش
◈ النظريات حول نقوش غوبستان
مكانة نقوش غوبستان العالمية
الاهمية السياحية لمحمية غوبوستان


موقع محمية غوبوستان

غوبستان توجد على بعد نحو 56 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة الاذربيجانية  باكو



الموقع، الذي يغطي مساحة 537 هكتار، هو جزء من محمية غوبوستان الأكبر حجماً. هو عبارة عن هضبة من الجلاميد الصخرية الواقعة بمنطقة شبه صحراوية جنوب شرقي جبال القوقاز في أذربيجان، على بعد نحو 56 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة باكو. ويعتبر الانتقال براً بين العاصمة والمتنزه السبيل الأمثل للوصول إلى غوبوستان في رحلة تستغرق نحو ساعة.

◈كيف اكتشفت غوبوستان 

تم اكتشاف نقوش غوبوستان صدفة، ففي عام 1930 كانت احدى شركات مقالع الاحجار تعمل بالمنطقة، ليلاحظ أحد العمال وجود بعض النقوش غير العادية على الصخور، وأنه كلما قطع المزيد من الحجارة كلما ظهرت النقوش بشكل أوضح .

لتتوقف الشركة عن العمل في تلك المقالع حتى يتسنى اختبار الرسومات بعناية أكثر. ويبدو أن تلك النقوش قد أخفيت عن الأنظار وراء أكوام ضخمة من الحجارة. واكتشفت المزيد من الرسومات فيما يبدو أنها مغارات من صنع الإنسان. 

اكتشف النقوش الصخرية في غوبوستان لأول مرة عالم الآثار الأذربيجاني الشهير إسحاق جعفرزاده عام 1939 الذي صرح ان المنطقة يعود تاريخها الى الألفية الثامنة قبل الميلاد.

مدخل محمية جوبستان روك للفنون الثقافية

 ◈الحقبة التي تنتمي اليها نقوش غوبستان

ووثق علماء الاثار ما بين 1940 و 1965 أكثر من 6000 نقش فوق ألف صخرة تشهد على 40.000 سنة من الفن الصخري.غير أنه يفترض أن الحياة وجدت في هذه المنطقة قبل ذلك التاريخ وأن غوبوستان هي مهد التاريخ .

يحتوي الموقع أيضًا على بقايا الكهوف والمستوطنات والدفن المأهولة، وكلها تعكس الاستخدام البشري المكثف من قبل سكان المنطقة خلال الفترة الرطبة التي تلت العصر الجليدي الأخير، من العصر الحجري القديم العلوي إلى العصور الوسطى.

علاوة على ذلك، توجد على الصخور كتابات عربية يعود تاريخها إلى القرون الوسطى وكتابة لوحية قديمة رومانية تثبت مرور الفيلق الروماني الثاني عشر للإمبراطور دوميتيان في نهاية القرن الأول للميلاد بهذه الأراضي.

إن النقوش الصخرية هي شهادة استثنائية على طريقة حياة اختفت في الطريقة التي تمثل بها الأنشطة الرسومية المرتبطة بالصيد وصيد الأسماك في وقت كان فيه المناخ والنباتات في المنطقة أكثر دفئًا ورطوبة من اليوم .
 

◈أنواع النقوش

تعتبر غوبوستان متحفًا حقيقيًا في الهواء الطلق يعرض أنماط حياة البشر القدماء الذين عكسوا مشاعرهم وذكرياتهم على الصخور.

تعكس الصور الموجودة في بقايا الكهوف -التي قدر عددها عشرين كهفا ومسكنا - مستوطنات بشرية كانت مأهولة في عصور سحيقة تعود إلى 8 آلاف سنة،  مشاهد الحياة البشرية كاشكال الاحتفالات وطقوس سكان هذه الأماكن في العصر الحجري.
تصور معظم النقوش اشكال الرجال البدائيين الذين يبدون كالمشعوذين وبجسد رفيع وعضلات ضخمة وهم يرقصون رقصات تتخذ شكلا دائريا، مصحوبة بأصوات من الآلات الموسيقية البدائية، ويقفون إلى جانب رسومات مفصلة لقوارب بها مجذفين ومسلحين محاربين مع الرماح في أيديهم، ولوحات تؤرخ لمعارك وصوراً لنساء، بل ونساء حوامل.

وللحيوانات مثل الأغنام والغزلان والأبقار والحشرات، والثعابين، والأسماك وشبكة صيد الأسماك. وتحمل صور بعض تلك الحيوانات فتحات ضرب الرماح عليها، وكأنهم يعبرون عن استراتيجياتهم في الصيد، مصارعة الثيران، قوافل الجمال، صور الشمس والقمر والنجوم. 
كما توجد صور للملابس التي كان يرتديها الناس وقوارب القصب التي سافروا على متنها.


غير أن الرسومات والنقوش التي عثر عليها في الكهوف لم تكن الدليل الوحيد على وجود الحياة المبكرة هناك، وقد اكتشفت في الموقع الأدوات القديمة وأسلحة الصيد وغيرها من الحرف اليدوية وتعرض تلك المقتنيات الآن في المتحف التاريخي في غوبوستان.




◈نظريات حول النقوش

عالم المصريات والباحث للمصادر المكتوبة القديمة والباطنية فيريدون كريموف وضح  معنى كلمة جوبوستان، حيث رأى أنها
مشتقة من كلمتين وهي "جوبو" أو “هوبو” (مخفي عن الناس ومقدس) و”ستان” (مكان) وتعني المكان المقدس أو المعزول عن الناس،أو "بلد العالم الغريب".
ويضيف العالم قائلا:
" لاحظت ان الرسومات في سيبيريا وجوبوستان وجبل جمي قايا بناخيتشيفان تشبه بعضها البعض اثناء إجراء بحوثي في سيبيريا. ولكن الرسومات الصخرية في جوبوستان هي أقدم الرسومات من بينها".
تثبت هذه الحقيقة أن الناس القدماء هاجروا من الشرق الى الغرب ونشروا ثقافتهم في المناطق الغربية.

◈تم التحقيق في نقوش جوبوستان مرارًا وتكرارًا من قبل المستكشف والمغامر النرويجي الشهير ثور هايردال، الذي اعترف بنقوش القوارب المحلية كأقدم صور معروفة لبيروغ في العالم.
دفعته هذه السفن، على غرار السفن الاسكندنافية القديمة، إلى الإدلاء ببيان فرضية مثيرة حول العلاقة بين النرويجيين والأذربيجانيين.
استنتج ثور هايردال أن أسلاف الاسكندنافيين (الفايكينغ) كانوا مهاجرين من منطقة أذربيجان.


◈مكانة نقوش غوبستان العالمية

في 1966 صنفت غوبوستان كمعلمة تاريخية قومية، مما أدى إلى توفير الحماية للرسومات، ومن الممكن أن تزور المكان بنفسك وتشاهد الصور في منتزه جوبوستان الذي تبلغ مساحته 3096 هكتار،ان الأثار التاريخية التي تقع بين ثلاثة جبال كبيرة تأخذ الزوار إلى العالم السحري عبر التاريخ. ويحتضن المتحف المجاور للموقع الزخارف والأدوات المصنوعة من حجر الصوان والأدوات البدائية التي عثر عليها داخل الكهوف.

 كانت هذه النقوش الموغلة في القدم، سببا في أن تضمها منظمة «اليونيسكو»إلى قائمة التراث الإنساني عام 2007، العام ذاته الذي صنفت فيه الحكومة الأذربيجانية الموقع كمحمية وطنية.



استفاد أجدادنا من الصخرة التي كانت تسمى ب"المرصد الشمسي" أو "الساعة الشمسية" كجهاز فلكي. كان الناس القدماء يقسمون السنة إلى تسعة أشهر. وكان كل شهر يتألف من أربعين يوما. ساعدت "الساعة الشمسية" لهم في هذا العمل. كان "تقويم قنومون" يعمل بمبدأ الضوء والظل في  صخور جوبوستان وانه واحد من أكمل التقاويم في العالم.  يعتبر هذا التقويم الذي لا مثيل له في العالم من اعظم الاكتشافات الأثرية المنتمية للعصر الحجري الحديث.

 

◈الاهمية السياحية لمنطقة غوبوستان

تعد منطقة غوبوستان وجهة سياحية للكثيرين لتفردها بمناظر استثنائية:

البراكين الطينية : لا يقتصر تفرد المنطقة على النقوش الصخرية فحسب، وإنما تتضمن كذلك نحو 400 بركان طيني؛ ما يعادل تقريباً نصف البراكين الطينية الموجودة بالعالم. ومع أن هذه النوعية من البراكين تثور من حين إلى آخر، فإنها لا تعد خطيرة بوجه عام.

تتميز البراكين الطينية في أذربيجان بفتحات مخروطية الشكل يبلغ ارتفاعها قرابة 4 أمتار، وتطلق طول الوقت تقريباً مزيجاً من الطين البارد والماء والغاز، ويقدِم بعض الزائرين على السباحة بها لاعتقادهم بأنها مفيدة لصحة الجلد.
احد البراكين الطينية ب غوبوستان

 من العناصر الأخرى المثيرة التي يمكن زيارتها هي صخرة غوبوستان الموسيقية gavaldash" الموجودة في هضبتي بويوك طاش وجينكيرداغ والتي وصفت بانها ابتكار كبير صنعه سكان غوبوستان القدامى. 

يعود وجودها إلى عصور ما قبل التاريخ. يبلغ طول الصخرة العجيبة نحو مترين ويكمن تفردها في إطلاقها أصوات صدى موسيقية تشبه صوت آلة الدف لدى قذفها بأحجار أخرى صغيرة. 
صخرة غوبوستان الموسيقية

إن اختراع أداة الطرب القديمة ” قافالداش” كان مهما للغاية لسكان قبائل هذه المنطقة من أجل إمتاعهم بالموسيقى وإقامة حفلات الرقص والغناء بقدر ما كان اختراع القوس والسهم مهما لحياتهم.
 

بوجه عام، يمكنك الاستمتاع بزيارة غوبوستان على مدار العام، لكن عليك الانتباه إلى أنه خلال فترات الأمطار، لن تتسنى لك فرصة زيارة البراكين الطينية.


المراجع:

Gobustan Rock Art Cultural Landscape(unesco)
                                                                                     جريدة الشرق الاوسط ( متنزه غوبوستان)

إرسال تعليق

0 تعليقات